علاج الاكتئاب في الاسلام
الحديث عن علاج الاكتئاب في الاسلام لأن الاسلام الدين الذي عالج الحزن وقد وردت العديد من الآيات والأحاديث التي تنهي عن الحزن الذي يعرقل مسيرة الاشخاص في حياتهم , ويعد الاكتئاب من أشهر أنواع الأمراض النفسية التي تصيب الأشخاص بسبب العديد من العوامل وخاصة في الوقت الحالي .
وعلينا أن نعي بأن الاكتئاب مثل باقي الأمراض النفسية يتداخل به ثلاث عوامل رئيسية :- العامل الجيني و كيمياء المخ، العوامل الاجتماعية و البيئية، العوامل الشخصية , وسوف نتعرف من خلال طيات الموضوع عن علاقة الاكتئاب والانتحار -الذي زاع صيته كثيراً فلا يكاد يمر يوم إلا ونسمع حالات انتحار للاسف ومن ثم لابد من التعرض إلي تلك المشكلة – وبين الالتزام الديني والنصائح الدينية وتأثيرها الايجابي علي الأشخاص ودورها في حماية الشخص من الاكتئاب .
ما هو الاكتئاب , علاج الاكتئاب في الاسلام ؟
علينا أن نعي بأن الحزن الطبيعي لموت شخص أو الحزن لنتيجة سلبية في الامتحان أمر وارد , ولكن الاكتئاب من الأمراض المعاصرة التي يُعاني منها الكثير من الناس ولا يفرق بين كبير ولا صغير ولا رجل ولا امرأة فالجميع يعاني من الاكتئاب ، حيث سجّلته الدراسات الحديثة كأخطر مرضٍ في هذا الوَقت من عُمر الأرض خاصة في الوقت الحالي في ظل الحروب وهضم الحقوق والظلم المتفشي في الأرض إلي أن يخرج الله المهدي فيقيم العدل .
ويُصاب في هذا المرض عالمياً شخصٌ من كلّ خمسة أشخاصٍ، ويشيع هذا المرض بين فئة النساء بشكلٍ خاصٍ، ويؤدي الاكتئاب إلى عدّة أمورٍ؛ منها: إهمال النفس، أو إيذاءها، فقد يصل الإيذاء في أشَد حالاته إلى الانتحار وهو من أخطر ما يؤدي إليه الاكتئاب ويتسبب فيه أنه يؤدي بحياة الأشخاص.
ويتصل الاكتئاب بالماضي، أو بأسبابٍ غير ظاهرةٍ؛ كارتباط الإنسان بِموقفٍ أو شخصٍ ما من الماضي مع عدم التمكّن من النسيان ومن ثم لابد من أن نعيش اللحظة وان ننسي الماضي والشعور بالذنب وأن نعيد حسابات الحياة وألا نركن إلي الماضي فإن الله غفور رحيم فعلينا ألا نجعل الذنب يقضي علي حياتنا ولننظر إلي رحمة الله وتوبته علي التائبين .
وعلينا أن نعي بأن الاكتئاب يتسبب في عدم القدرة على مباشرة الحياة من جديدٍ، وينحصرالمُصاب بالاكتئاب في الهموم والتفكير السلبي والذي يعيقه عن ممارسة حياته بشكل طبيي، ويصبح المريض غير قادرٍ على النظر إلى الحياة بأملٍ وتفاؤلٍ، فقد يصل به الحال إلى أن يرى نفسه أكبر أعدائه لما تسبب فيه من معاصي وذنوب .
علاج الاكتئاب في الاسلام فكثيراً ما يشعر الإنسان بالخمول والكسل، وعدم المُبادرة إلى مساعدة الآخرين لأنه يكون في حالة من فقدان الأمل وكراهية الحياة ومن ثم يفكر كثير من الأشخاص المكتئبين في الانتحار ما لم يتم علاجهم من خلال المختصين .
ما هي أسباب الاكتئاب , علاج الاكتئاب في الاسلام ؟
الحديث عن علاج الاكتئاب في الاسلام يجعلنا نتطرق إلي اسباب الاكتئاب وفي واقع الأمر فإن هناك العديد من الاسباب التي تؤدي إلي الاصابة بالاكتئاب ومن ثم فإن للاكتئاب عدّة أسبابٍ، من أبرزها: فَقْد شخصٍ عزيزٍ، والإصابة بصدمةٍ بعد ذلك، أو شُعور الشخص بالنقص والاختلاف عن أقرانه ممن كانوا معه مثلاً في دراسة فيري أنه أقل منهم خاصة من ينظر فقط إلي النواحي المادية فحسب .
ومن بين أسباب الاصابة بالاكتئاب شُعوره بالخذلان، وعدم قبول واقعه نتيجة مُقارنة نفسه بالآخرين , ومن هنا لابد من العرض علي مختصين في بيئة علاجية تساعد علي التعافي من خلال مصحة متخصصة .
كيف عالج الرسول الاكتئاب , علاج الاكتئاب في الاسلام ؟
علاج الاكتئاب في الاسلام وكيف عالج النبي الاكتئاب , فقد لا يكون مسمي الاكتئاب في عهد النبي ولكنه حالة من الحزن وأمور اعترت بعض الصحابة , وقد خلق الله عز وجل الانسان وجعل سننه في الأرض التغيير فلا يدوم الحزن ولا الفرح , فإن الانسان دائم التقلب بين تلك الأحوال , فلا يسلم الانسان من المرض والحُزن، والأكدار ودوام الحال من المحال ” وتلك الأيام نداولها بين الناس ” كما قال جل وعلا في محكم التنزيل ، ولذلك فقد أرشد النبي -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم- إلى العديد من الأساليب العملية لمواجهة الاكتئاب، وفيما يأتي بيان بعضها :-
أولاً :- الدعاء، علاج الاكتئاب في الاسلام حيث يعتبر من أقوى الأساليب التي تُساعد الإنسان على تجاوز الصعوبات فلتعلم بان الله -عزّ وجلّ- يُحبّ العبد الذي يُقبل عليه بالدعاء والسؤال ويغضب إن لم يسأله بني آدم فنحن لا غني لنا عنه سبحانه وتعالي ولا حول لنا ولا قوة إلا به ، وهو سبحانه أكرم من أعطى، وأجّلُ من سُئل، حيث يُقسم الدعاء إلى قسمين، وقائيٌ، وعلاجيٌ .
أما الوقائي فهو كدعاء النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- عندما دخل المسجد، ووجد أبا أُمامة في المسجد في غير وقت الصلاة، فسألهُ عن السبب، فأجابه قائلاً إنها الهموم والديون يارسول الله , ومن هنا علمه النبي صلي الله عليه وسلم دعاء يكون له دواء لما يعاني منه من تلك الأمور التي تكدر عليه حياته .
” فعلّمه أن يدعو الله بقول: (قُلْ إذا أصبحتَ وإذا أمسيْتَ اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بك من الهمِّ والحزنِ وأعوذُ بك من العجزِ والكسلِ وأعوذُ بك من البخلِ والجبنِ وأعوذُ بك من غلبةِ الدَّينِ وقهرِ الرِّجالِ)،[٣] والدعاء العلاجي؛ كالدعاء بسيد الاستغفار ” اللهم أنت رَبي لا إله إلا أنت خَلَقتني وأنا عَبدُك وأنا على عَهدِك ووَعدك ما استطعت، أعوذُ بكَ مِن شَر ما صَنعت أبوء لَكَ بِنِعمتكَ عليّ، وأبوءُ بذنبي فاغفر لي فإنهُ لا يَغفِرُ الذُنوب إلّا أنت , وغيرها من الأدعية التي تزيل الهم وتدفع الكرب , وقد علمها النبي صلي الله عليه وسلم صحابته ومن ثم تعلمتها الأمة من بعده .
ثانياً :- استشعار نِعْم الله عزّ وجلّ ولا ننظر إلي نصف الكوب الفارغ بل علينا أن ننظر إلي نصف الكوب المملوء فنعم الله علي العبد لا تعد ولا تحصي وهو جل في علاءه كريم واسع العطاء وعلينا أن نرضي بما قدره الله علينا ,ولا نسخط وألا يكون همنا المال فقط والحصول علي الأموال ويكأنها الدنيا وما فيها .
حيث قال تعالى: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ) فلو تأمّل الإنسان بعظيم نِعم الله عليه، من هواءٍ، وماءٍ، وصحةٍ حتي لو مرض فإن المرض لا يدوم ، ومن نعم الله علي عبيده غذاءٍ ؛ لتناثرت هُمومه.
ثالثاً :- استغلال الوقت الحاض ر؛ فمن أكثر ما يُكدّر على الإنسان التفكير بالماضي الذي انقضى والنظر إلي الوراء ، أو خوفه من المستقبل الذي لم يأتِ ومن هنا أوصانا النبي صلي الله عليه وسلم بالتعوذ من الهم والحزن ، ومن هنا يجب على العبد أن يستغلّ يومه بالعمل كي ينعم بالراحة والسكون النفسي وكما ورد في الأثر عن النبي صلي الله عليه وسلم ” نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ” .
رابعاً :- الأخلاص فإن اخلاص العمل لله عز وجل يعد من أكثر ما يعين علي السعادة فلا يطلب من غيره الثناء والشكر .
خامساً :- الصبر؛ وهو من سنن الأنبياء وكما يقال صبر أيوب وصبر أولي العزم من الرسل , فمن سنن الله -عزّ وجلّ- على عباده البلاء في الحياة الدنيا، حيث قال الله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) , فالحكيم مَن يُحسن عند البلاء ويَصمد ويصبر وعلينا أن نتصبر وأن نرضي بقدر وقضاء الله، ولا يَستسلم للأوهام والوساوس فما عند الله قطعاً هو خير له .
حتى يكون من الصابرين الذين بشّرهم الله -عزّ وجلّ- بالجنة في أكثر من موضعٍ من القرآن الكريم، فمن أجمل العطايا هي التي تأتي مع الصبر, وقد قال تعالي ” إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب “.
سادساً :- الإكثار من الأعمال الصالحة، فهي من أكثر العوامل التي تساعد على إزالة الهم والحزن والله يدفع البلايا بتلك الأعمال الصالحة ، ومن جملة الأعمال الصالحة ” قراءة القرآن، والإكثار من الاستغفار،لتي تُدخل السرور على نفس المحتاج، وتُشعر المتصدّق بجمال العطاء , ومن هنا قيل بأن الصدقة تدفع سبعين باباً من أبواب البلاء ” .
سابعاً :- المسارعة إلى التوبة , فإن التوبة تجب ما قبلها ، وعدم اليأس عند تكرّر الوقوع في الخطأ فإن الله غفور رحيم مهما عظم الذنب ؛ لأنّ ارتكاب الذنوب طبيعةٌ بشريةٌ، والعبرة بما بعد الذنب من التوبة والاستغفار، فالله -عزّ وجلّ- يقبل التائبين ويشرح صدورهم ويفرح بالعودة إليه كما ورد بذلك في كثير من الأحاديث .
واستشعار العبد المؤمن أن ما يُصيبه من الهم ، والحزن ، والمصائب، تُعد كفّارةٌ لذنوبه فإن الله يكفر عن العبد بالشوكة التي يشاكها، ومنها ما يرفع مرتبة العبد عند ربه ، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِن مصيبةٍ تصيبُ المسلِمَ إلَّا كفَّرَ اللَّهُ بِها عنهُ، حتَّى الشَّوكةِ يُشاكُها) .
كيفية علاج الاكتئاب في الإسلام ؟
أما عن كيفية علاج الاكتئاب في الإسلام كتب الله -عزّ وجلّ- الدواء لكّل داءٍ، وجعل دواء الاكتئاب بالتعلّق به والقرب منه ، والتوكّل عليه، وبالتذلّل له، وبذلك ينال العبد كلّ أمرٍ يرجوه، فالله -تَعالى- لا يردّ من أتاه متجرّداً إليه ، يدعوهُ دعاء المُضطر ويستجيب له سبحانه ، كما أنّ الصلاة تمنح العبد قوة الروح، والإرادة ، وتُعلي من طاقته الروحية ، فقد كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم – إذا اشتدّ عليه أمرٌ ما فزع إلى الصلاة فكما ورد في الأثر أنه إن حزبه أمر فزع إلي الصلاة ، وممّا يُساعد على الخروج من الاكتئاب إعانة الفقراء والمحتاجين والتقرب إلي الله بالقرب من الفقراء والوقوف بجانبهم ؛
فبذلك يتقرّب العبد من الله -عزّ وجلّ- بدعائهم له، كما يشعر العبد بوجوده وقدرته على التأثير والإنجاز، وهناك العديد من الأدعية التي تُردّد في حالة الهم والحزن، ومنها ما كان النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- يقوله عند الكرب: (لا إلهَ إلّا اللهُ العليمُ الحليمُ، لا إلهَ إلّا اللهُ ربُّ العرشِ العظيمِ، لا إلهَ إلّا اللهُ ربُّ السماواتِ وربُّ الأرضِ ربُّ العرشِ الكريمِ) وغيرها من الأدعية التي وردت في السنة والتي تعد من أدعية علاج الكرب والهم .
مصادر الموضوع