ذكرت الإعلامية “ياسمين الخطيب” عن مرضها باضطراب الشخصية الحدية، مما يسبب فشل علاقاتها العاطفية ويجعلها عُرضة للزواج أكثر من مرة بسبب صعوبة معاشرتها فتنتهي العلاقة بالطلاق، فهل الطلاق أو الانفصال في حد ذاته نتيجة حتمية للارتباط بالشخصية الحدية أم أنها مجرد احتمالات تعتمد على طبيعة العلاقة واستقرارها؟، إذ يرتبط اضطراب الشخصية الحدية بالتعلق المرضي بالأشخاص وعدم قدرتهم على التحكم في انفعالاتهم وعواطفهم، ما العلاقة بين اضطراب الشخصية الحدية والجنس هذا ما ستعرفه في السطور التالية.
ماذا تعرف عن الشخصية الحدية والجنس
تؤثر الشخصية الحدية على العلاقات العاطفية والقدرة على التحكم في السلوكيات اليومية، لذلك لا تتعجب إذا كان للشخصية الحدية تأثير على العلاقة الجنسية ومواجهة المزيد من الصعاب لمحاولة التأقلم، ومن أهم هذه الحقائق:
- معاناة النساء من ضعف الرغبة الجنسية، والشعور بالضغط النفسي من قبل أزواجهم لرغبتهم في العلاقة الحميمية، مما يضطرهم إلى ممارسة الجنس من باب الواجب.
- عدم الشعور بالرضا عن العلاقة الجنسية، ويعود ذلك إلى كونهم ضحية للعنف الأسري في طفولتهم.
- معاناة الشخصية الحدية من الصراع النفسي تجاه علاقاتهم العاطفية، مما يؤثر على الحياة الجنسية.
- التهور السلوكي أثناء ممارسة الجنس خاصةً عند التعرض لصدمة عاطفية أو عند شرب الكحول أو عند الشعور بالخوف والغيرة أو الحزن الشديد.
- الارتباط بأكثر من شريك في علاقة جنسية في نفس ذات الوقت بدلاً من إقامة علاقة جنسية ليوم واحد فقط، وذلك لمحاربة الفراغ العاطفي والجنسي التي تشعر به الشخصية الحدية.
- اضطراب العلاقة بين الشخصية الحدية والجنس وهروب شريك حياتك دون أسباب واضحة.
- معاناة الشخصية الحدية من حروق الدرجة الثالثة بنسبة 90% بسبب ميولهم إلى إلحاق الأذى بأنفسهم، ويفتقرون اللمسة العاطفية، لذلك يشعرون بالنشوة لأقصى درجة عند أقل لمسة أو حركة.
- في بداية العلاقة يرغبون في قضاء أغلب وقتهم مع شريك حياتهم رغبة في إعطاء العلاقة حميمية أكثر، ولكن إذا لم يبد شريك حياتهم أى اهتمام أو حب تتحول مشاعر الحب إلى غضب وكراهية، مما يضعهم في دائرة الخطر والانتحار.
الشخصية الحدية والزواج
في سياق متصل عن الشخصية الحدية والجنس ، وجد العلماء أن نسبة الزواج لمن يعانون من اضطراب الشخصية الحدية تصل إلى 60% خاصةً لمن تبلغ أعمارهم الأربعين، وعلى غير المتوقع لا ينتشر الطلاق بينهم، إذ لا تتعدى 35% فقط على الرغم من ميولهم للزواج مرة أخرى بعد الطلاق لتصل نسبتهم إلى 10%، ولكن نحتاج إلى مزيد من الدراسات حول تأثير الشخصية الحدية على الزواج.
تؤكد إحدى الدراسات على وجود صلة قوية بين ازدياد العنف الأسري وشدة أعراض اضطراب الشخصية الحدية مثل الخوف من الوحدة والتغيرات المزاجية، فيصبح الزواج غير مستقر وكثرة المشاكل، وذلك بسبب عدم القدرة على التواصل وافتقار القدرة على حل المشكلات.
وتتمثل أعراض اضطراب الشخصية الحدية في حدوث صراعات باستمرار، وقلة الرضا عن العلاقات العاطفية، والضغط النفسي الرهيب على الشخصية الحدية، كما يميل أصحاب هذا المرض إلى الزواج ممن يعانون من نفس مرضهم، فيصبح من الصعوبة التحكم في العلاقة خاصةً عند المعاناة من السلوكيات المتهورة، والتغيرات المزاجية، وعلى الرغم من قلة معدلات حالات الطلاق بينهم، فإن الارتباط بشريك حياة مصاب باضطراب الشخصية الحدية يسبب الضغط النفسي والإرهاق، لذلك لا تتردد في طلب المساعدة للحفاظ على استمرار هذا الزواج والعلاقة بين الشخصية الحدية والجنس .
اضطراب الشخصية الحدية والانتحار
وبسبب ما ذكرناه سلفاً تميل الشخصية الحدية للانتحار، إذ يشكلون أكبر نسبة انتحار في العالم لتصل إلى 75%، تلجأ الشخصية الحدية للانتحار كرد فعل للانفصال أو الطلاق كمحاولة للهروب من الواقع ومن المشاعر السلبية التي تهاجمها، والأسوأ من ذلك أنه مرض مزمن قد يستمر لعدة سنوات من المعاناة من فكرة الانتحار يومياً دون رحمة أو شفقة ليجعلهم يعتقدون أنه لا مفر من الانتحار وأنه السبيل الوحيد للهروب.
دائما ما يصاحب اضطراب الشخصية الحدية والجنس أمراضاً نفسية أخرى مثل اضطراب ثنائي القطب، والانفصام، والاكتئاب مما يُزيد من معدل الانتحار والتهور دون التفكير في العواقب، والهروب من خلال إدمان المخدرات والكحوليات فيزداد الإقدام على الانتحار أو الوفاة بسبب جرعة زائدة.
يعتقد العلماء كيل الشخصية الحدية للانتحار يعود لتغييرات غير عادية في معدل الأيض، وتركيب المخ، وذلك بناءً على إحدى الدراسات الحديثة التي توضح العلاقة بين تركيب المخ وميل الشخصية الحدية للتهور والانتحار من خلال نقص المادة الرمادية في المخ لمن يعانون من اضطراب الشخصية الحدية.
ذكاء الشخصية الحدية
تتسم الشخصية الحدية بالذكاء والتودد للآخرين ولديهم القدرة للحفاظ على هذه السمات لعدة سنوات حتى يقع القناع وتظهر الشخصية الحقيقية للشخصية الحدية خاصةً عند التعرض لصدمة نفسية مثل الطلاق أو وفاة أحد المقربين، ولا يوجد فرق بين مصابي اضطراب الشخصية الحدية وغيرهم فكلاهما يستطيع التعبير عن مشاعره وتقبلها من غيره، تتميز الشخصية الحدية بالفراسة وفهم الآخرين، كما يُعد أغلب مصابين اضطراب الشخصية الحدية مثقفين فكرياً، وموهوبين بالفطرة، صادقين في العلاقة العاطفية التي تربطهم بمحبيهم، متعاطفين، وتلقائيين.
ولاثبات العلاقة بين الشخصية الحدية والجنس وعلاقتها بالذكاء شهدت إحدى الدراسات الحديثة وصول معدل الذكاء للشخصية الحدية إلى أكثر من 130، يجدون الحلول المناسبة للمشاكل التي تحيطهم، بعرفون معنى المعاناة والوحدة بل ويستطيعون معرفة ما يدور بعقلك من مجرد النظر إليك، إذ أُجرين إحدى الدراسات على 30 شخص مصاب بالشخصية الحدية، و25 شخص طبيعي، وعند عرض عدة صور فوتوغرافية لعدة أشخاص، أظهر مرضى اضطراب الشخصية الحدية نتيجة ملحوظة في قراءة تعبيرات الوجه مقارنةً بغيرهم، حتى إذا حاولت إخفاء مشاعرك تجاههم.
تجربتي مع اضطراب الشخصية الحدية
وتوثيقاً لمقالي عن العلاقة بين اضطراب الشخصية الحدية والجنس ، أعرض تجربتي الخاصة مع الشخصية الحدية وأهم أعراضها معاناة المريض من صعوبة الحفاظ على العلاقات الاجتماعية التي يتخللها الكثير من المشاعر المختلطة، والتلاعب بمشاعر الآخرين وصعوبة الثقة فيهم، بالإضافة إلى عدم استقرار المريض نفسياً وعاطفياً بل قد تتطور الحالة إلى إدمان المخدرات وشرب الخمر والمقامرة وتناول كميات كبيرة من الطعام والسرقة والإنفاق دون حساب حتى تنتهي للانتحار.
قد يعاني المريض من الغضب العارم والثورة خوفاً من مشاعر الفقد والوحدة، كما تعاني من فقدان الهوية وأهدافها في الحياة واختياراتها وقيمها ومبادئها، وفي أسوأ الحالات تظهر أعراض انفصامية واضطرابات سلوكية.
كيفية علاج اضطراب الشخصية الحدية
من أجل تبسيط العلاقة بين الشخصية الحدية والجنس يهدف العلاج النفسي للشخصية الحدية إلى زيادة الثقة بالنفس والتحكم في العلاقات بمن حوله واستقرارها، ويتيح للمريض الحديث عن الصعوبات والمعوقات التي يواجهها في الحاضر والتجارب التي مر بها في الماضي، وعدم الحكم على المريض وتقبله والتعاطف معه وتشجيعه على التحدث عن مشاعره وعلاقاته بمن حوله، وقد تساعده مضادات الاكتئاب مثل كربونات الليثيوم ومضادات الذهان التي تصبح ذا فائدة فقط في بعض الحالات.
يصبح علاج الادمان وشرب الكحوليات إجبارياً إذا أراد المريض الاستمرار في العلاج، ولا مفر من دخول المستشفى عند محاولة الانتحار أو إلحاق الأذى بنفسه أو بالآخرين، كما يُعد استكمال العلاج في المنزل صعباً وطويل الأمد قد يصل إلى عدة سنوات.
ختاماً، العلاقة بين اضطراب الشخصية الحدية والجنس علاقة معقدة لا يمكن اختصارها بل تحتاج إلى صفحات من الشرح هذا الكم من المشاعر العاطفية التي لا يمكن فهمها حتى الآن، إذ تُعد العلاقات العاطفية معقدة بطبيعة الحال فماذا إذا كانت يصاحبها اضطراب نفسي؟!، ولكنهم لا يطلبون إلا الحب والحنان والعطف.
المصادر
