اضطراب القلق المفرط بسبب كورونا
بعد مرور يوم عمل دافيء ومرهق , تظن صديقتي أن إرهاق الجسد العادي ودفء الجسم هو بداية أعراض كورونا عليها , فطلبت أخذ أجازة من العمل ,ومن ثم القلق المفرط النابع من الوهم وحده وأنها في حالة خطيرة وقد تكون اصيبت بفيروس كورونا الذي لا شفاء منه , وأن بينها وبين الوفاة بضعة أيام
علي الرغم من أن كافة الأعراض التي قد ظهرت عليها ما هي الا محض عوارض طفيفة جداً وتكون في أي يوم عادي من أيام الله قبل أن يظهر فيروس كورونا المستجد ,ومن ثم قد افتقدت صديقتي لكل شكل من أشكال الاطمئنان بما سيطر عليها من القلق المفرط حيث قد بدأت فيه بتفسير أي حالة أو حركة غير عادية في الجسد بأنها من عوارض فيروس كورونا .
كما بدات الفحص المستمر لحرارة الجسم , وابتلاع ريقها خوفاً من أن تكون مصابة بالاحتقان , وفي الأخير قد بدأت كما هو حال بقيت الناس في البحث المستميت عن اعراض فيروس كورونا , وتلقي العديد من الشائعات بتصديق كبير , ومن ثم بدأت تختبر كل اعراض فيروس كورونا علي حالة جسدها السليم , وهذا ما نسميه اضطراب القلق من المرض , والذي قد وصل الي حد وضع سيناريوهات متخيلة ومستمرة عما بعد المرض .
هل هكذا ستكون النهاية ؟
علي الرغم من ان عدد وفيات مرض كورونا أقل بكثير مما يجب ان نبذل هذا القلق إلا ان وسائل الإعلام أخيراص قد بدأت تطبيق ما يحدث في أفلام هوليود في حال هجوم كائن فضائي ينشر الهلع من خلال الشاشات , فقد أغلقت السينمات ,وألغيت المؤتمرات حتي مؤتمرات كورونا نفسه , وقد ألغيت المباريات وانحسر الناس في المدمن , وينادون بعضهم بعض من شرفات بعض , يغنون في ايطاليا , ويتضامنون في الصين , وبعد تصدير صور هذا الهلع كانت النتيجة تغذية ذاك الهلع الحاصل من خلال آلاف التغريدات من خلال فيسبوك أو تويتر أو يوتيوب التي قد تضامنت شائعات حول فيروس كورونا المستجد .
فمنهن من يحييه علي الأسطح لأربع ساعات , ومنهم من يحييه لعشر ومنهم من يعده عقاباً , ومنهم من يراه خلاصاً للبشر من الزحام , ومنهم من يقلل منه , ومنهم من يقول إنه محض انفلونزا , ومنهم من يقلق منه كما لو أنه قد اصيب به , منهم من دعته أنانيته الي نقل العدوي باختياره في المواصلات العامة , فمنهم من مات ومنهن من ينتظر الموت , ومنهم من لا فكرة لديه بأخطار المرض أصلاً فيعتبر الإجازة فرصة من أجل التجمع والذهاب إلي السينما أو النادي .
ومع كل هذا يتزايد القلق مع حالة السعال في المترو , أو في غيرها من وسائل المواصلات العامة , حيث يقلب الناس أبصارهم فيك لو كنت مصاباً بانفلونزا عادية , أو أنهم يهربون منك لو كانت لديك ملامح تشبه سكان شرق أسيا .
وكل هذا الفزع لا يصب إلا في مصلحة عمليات البحث التي قد تضاعفت لأكثر من 1000% , وفي إعلانات لا تحصي حول كمامات ساحرة تحجب وأغطية الوجه التي تحمي وتحجب وتصفي من حولك الهواء , وكل ذلك الأمور تدعونا إلي وقفة عاقلة واعية للتعامل مع المرض بوعي بدون أي عشوائية , حيث ان القلق لا ينبع إلا من عشوائية التعامل التي تزيد الضحايا وتزيد من حالة الخوف معها ,بالرغم من أن الحقيقة تقول بأن من لم يمت بالكورونا فانه قطعاً سيموت بغيره ولا دائم غير وجه الله جل وعلا .