هل يوجد علاقة بين الإدمان والأمراض النفسية من أكثر التساؤلات التي ترد علينا خاصة في ظل انتشار المخدرات في المجتمع , فهل بالفعل هناك علاقة بين تعاطي المخدرات وبين الأمراض النفسية , فهذا السؤال قد حير العلماء للعديد من السنوات حتي وصلوا إلي الإجابة القاطعة له , حيث أكد العلماء وبدون أدني شكل بأن هناك علاقة بين الإدمان وبين الإضطرابات النفسية , ومع الاستمرار في التعاطي يتحول الشخص المدمن إلي المريض النفسي .
فالكثير من الأشخاص ممن يتعاطي تلك السموم من أنواع المخدرات لا يضع نصب عينه بأن تلك المخدرات كما أنها تؤثر سلباً علي الصحة الجسدية فهي تتسبب في الإصابة بالإضطرابات النفسية والذهانية , ومن ثم الحاجة إلي علاج التشخيص المزدوج وهو المصطلح الذي يشير إلي العلاقة بين الإضطرابات النفسية والإدمان .
يعتبر تعاطي المخدرات من أكبر الأسباب التي تؤدي إلي الاصابة بالإضطرابات النفسية في الآونة الاخيرة والحديثعن تلك العلاقة بين المخدرات والإصابة بالإضطرابات النفسية التقينا بعدد من المختصين والمدمنين والذين قد كشفوا العديد من الجوانب في تلك القضية , فتصنيف الأمراض النفسية والإدمان ومستجدات التشخيص وأدوات القياس النفسي وعلاج الإضطرابات النفسية وتكامل العلاج النفسي مع العلاجات الأخري , والطرق العلاجية الحديثة والإرشاد الروحاني والنفسي والإجتماعي وأهميتها .
الإدمان سبب في الهلاوس تجربتي في التعاطي
في باديء الأمر يتحدث أحد من أصيب بمرض الإدمان بأنه لا يعاني من شيء في شبابي ولم أكن أعرف طريق للمرض النفسي حتي صادقت بعض الشباب الذين كانوا يتعاطون المخدرات ومن اول حبة تعاطيتها أحسست أنني أصبحت أسيراً لها وبعد فترة من استعمال تلك المخدرات ليست بالطويلة بدأت أحس بأنني أعاني بالهلاوس وأسمع غريبة وبدأت أشك في الزوجة وأضربها , وعرف أهلي بأنني وقعت في طريق الإدمان علي المخدرات فقد تم نقلي إلي أحد مستشفيات علاج الإدمان والصحة النفسية وتعالجت بفضل الله حوالي الشهر حتي وصلت إلي مرحلة اتزان نفسي وسلوكي .
وبدأ أهلي ينفرون مني فاضطررت إلي أن أعود لتعاطي المخدرات مرة أخري والشلة التي كنت معها في طريق التعاطي قد طردوني بسبب قلة المال فتشتردت في الشوارع وبدأت للأسف أضايق سكان المنطقة التي أعيش فيها إلي أن اشتكاني احدهم وتم نقلي إلي المستشفي وتحسنت الحالة بشكل تدريجي واتمني ألا أعود مرة اخري إلي تعاطي المخدرات التي جعلتني اعاني من الإضطرابات النفسية , ويالتني أجد قبولاً بين الاهل فإن ابنهم وقد تعافيت ولدي نية عدم العودة إلي طريق المخدرات مرة أخري .
هل الأمراض النفسية ناتجة من تعاطي المخدرات , علاقة الإدمان بالاضطرابات النفسية
؟
إجابت الدراسات الطبية على العديد من الأسئلة المتعلقة بالعلاقة بين مشكلة الإدمان والأمراض النفسية ولكن أي منهما طريق للأخر , حيث أثبتت أن هناك أسباب متعلقة بالإدمان من أهمها التعرض للضغوط والمشاكل النفسية فيلجأ الشخص لتعاطي المخدرات معتقدا بالخطأ أنها الحل للهروب من تلك المشاكل والأزمات وتشعره انه في عالم افتراضي مليء بالسعادة المزعومه لساعات قليلة ثم يفيق علي الواقع المليئ بمشاكله ويزداد الأمر سوء بزيادة رغبته في الإقبال على المخدرات والهروب دائما من الواقع وهذا بسبب الاعتقاد بأن المخدرات سبب في اصابة الأشخاص بالإدمان علي المخدرات ..
كما أن هناك دراسات أخرى تؤكد أن تعاطي المخدرات مثل الحشيش والهيروين والكوكايين والكحوليات وغيرها من أنواع المخدرات يؤدي إلى بداية الاكتئاب والذهان خاصة مرض الفصام وهو من أخطر الاضطرابات النفسية والاصابة بإنفصام الشخصية كما يدمر الجهاز العصبي ويؤدي إلى الإصابة بالأمراض النفسية ويحتاج إلى علاج نفسي وتعديل السلوك فعلينا أن نتعرف علي حقيقة تلك العلاقة فتعالوا بنا من خلال طيات الموضوع لنسلط الضوء علي تلك العلاقة والزامية اخضاع المريض إلي برامج التأهيل النفسي والعلاجات السلوكية كبرنامج توازي مع علاج الإدمان . .
نظراً لما تتسبب فيه تلك السموم من انواع المخدرات في تدمير الخلايا والجهاز العصبي بالإضافة إلي الأضرار الجسمانية والتي تحدث بسبب تعاطي المخدرات وهذا الأمر الذي يجعل متعاطي المخدرات يتحول إلي شخص مختلف لم تعهده من قبل .
في واقع الأمر هناك العديد من أضرار المخدرات النفسية التي تؤثر علي الشخص المدمن ليس فقط في مراحل التعاطي ولكن هناك العديد من أعراض المخدرات بعد تركها وهي التي تعني مرحلة الأعراض الانسحابية للمخدرات .
وعلينا أن نعلم بأن الأضرار النفسية بسبب المخدرات حقيقة لا يمكن الغفلة عنها والتركيز عليها من الأمور الهامة حتي يعي من يقبل علي تعاطي مثل تلك السموم من المخدرات انه قد يعاني من مرض نفسي أو ذهاني طيلة حياته , ومن هنا حينما نري أعراض تعاطي المخدرات عند المراهقين فعلينا ان نسرع في علاج الإدمان من خلال المختصين حتي لا نكون سبب في اصابتهم بالإضطرابات النفسية والذهانية المصاحبة للإدمان علي المخدرات .
أيهما يسبق الإدمان أم المرض النفسي , علاقة الإدمان بالاضطرابات النفسية ؟
لقد أشار العديد من المختصين إلي أن عدد كبير من المرضي من مدمني المخدرات والذين كانوا يعانون في بداية الأمر من بعض الإضطرابات النفسية , أي أن التشخيص الأساسي لهم كان يتمثل في الإصابة ببعض الأمراض النفسية مثل اضطرابات النوم والقلق والاصابة بالاكتئاب , وقد يحدث ذلك بسبب العديد من الأسباب مثل فقد أحد الأشخاص المقربين , فقد يظنون بأن المخدرات هي السبيل الوحيد او الحل السحري من أجل التخلص من الشعور الذي يعيشون فيه .
وهناك من يعانون من تلك الإضطرابات الذهانية مثل مرض الفصام ويتوجهون إلي تعاطي المخدرات ,اعتقاداً منهم بأن تعاطي المخدرات سوف يساعدهم علي التخلص من ألم المرض النفسي أو المعاناة من المرض العقلي الذين يعيشون فيه , ولعدم الاستبصار بالمشكالة من ناحية أخري , ومن هنا يمكننا القول بأن المخدرات والمرض النفسي هما وجهان لعملة واحدة وكلاهما يدفع إلي الأخري بصورة أو بأخري .
هل هناك أنواع من المخدرات تزيد من عوامل الخطورة بالمرض النفسي ؟
بالطبع وهذا ما أكدته العديد من الدراسات حول مخاطر وأضرار الإدمان علي المخدرات ووجود علاقة قوية بين الإدمان علي المخدرات وبين الإصابة بالمرض النفسي , حيث أكدت الدراسات المختصة بأن حوالي 17% من عينة الدراسة من الأشخاص المدمنين علي الكحوليات قد أصيبوا بالمرض النفسي والعقلي , بينما هناك نسبة قرابة 70% من المصابين بالمرض النفسي والعقلي كان السبب راجع إلي تعاطي مخدر القنب والحشيش .
ومن ثم لمن يعتقد بأن الحشيش لا يسبب الإدمان بل إن الادمان علي الحشيش من أخطر أنواع الإدمان ويؤدي إلي العديد من المخاطر والأضرار الوخيمة علي الصحة النفسية والجسدية ويؤدي إلي الاصابة بالإضطرابات الخطيرة بل هناك علاقة قوية بين الحشيش واصابة المدمن بالفصام الذهاني الخطير في ظل التأثير علي مراكز المخ .
كما أشارت الدراسات بان هناك 7% من الأشخاص الذين يتعاطون عقاقير مخدرة وهذا ما يؤكد بأن بعض أنواع المخدرات له تأثير في الاصابة بالإضطرابات النفسية والذهانية .
هل هناك أمراض نفسية معينة ترتبط بتعاطي نوع معين من المخدرات ؟
قد أشارت الدراسات المختصة بان مرض الفصام والاكتئاب والذهان من أكثر الاضطرابات النفسية التي قد ارتبطت بتعاطي أنواع المخدرات مثل الحشيش والكوكايين والهيروين والإدمان علي الكبتاجون , بالإضافة إلي أن عقار الأمفيتامين او بديل الكبتاجون من المنشطات يتسبب في الإصابة بالهلاوس السمعية والبصرية الكاذبة وإيذاء النفس ومحاولات الانتحار في بعض الأحيان .
وهذا ما قد أشارت إليه الدراسة التي تمت من خلال جامعة نيو سارث ويلز الاسترالية والتي أكدت بان نسبة الوفيات بين مدمني الهيروين يفوق 13 ضعف مقارنة بالوفيات الطبيعية , ولعل السبب في حدوث ذلك بسبب محاولات إيذاء النفس ومحاولات الانتحار التي يقوم بها متعاطي تلك السموم من أنواع المخدرات .
كما أكدت الدراسة بان وصول المتعاطي إلي مرحلة الإضطراب النفسي او الاصابة ببعض الأمراض قد يكون له التاثير السلبي علي فرص التعافي من الإدمان .
من هنا ننصح كل من وقع في كابوس الإدمان علي المخدرات ألا يتأخر في السعي في طريق التعافي والبدء في طريق علاج الإدمان من خلال الخبراء المختصين في المراكز العلاجية حتي يخرج بأقل خسائر ولا يصاب بالمرض النفسي او الذهاني الذي قد يصاحبه طيلة حياته بسبب تعاطي تلك السموم من انواع المخدرات .
العلاقة الوثيقة والمتبادلة بين الإدمان والمرض النفسي ؟
هناك علاقة بين الأمراض النفسية وبين تعاطي المخدرات , ويمكن ان توصف العلاقة بأنه علاقة متبادلة أن صح التبعير بأن المخدرات تتسبب في ظهور العديد من الأمراض النفسية , والأمراض النفسية بدورها ويمكن أن تقود صاحبها إلي تعاطي المخدرات والإضطرابات النفسية والذهانية المصحوبة بالأوهام والضلالات والهلاوس واضطرابات في النوم , وحالات الهذيان والخلط وحالات العتة العضوي والتسبب في الاصابة باضطرابات القلق وخلل في الوظيفة الجنسية التي تنتج عن تعاطي تلك السموم من المخدرات .
التشخيص المزدوج
أما عن وحدة علاج التشخيص المزدوج بالمجتمع , فإن تلك الوحدة تعني علاج الإدمان المصحوب بالإضطرابات النفسية ,يعني أن هناك اضطراب نفسي او أكثر وفي الغالب ما يكون ذهانياً مع تعاطي تلك المخدرات يعني إدمان ومرض نفسي في الوقت نفسه , وعادة ما تكون الأعراض مزمنة وشديدة في مثل تلك الحالات والتي تتطلب التكثيف بين الإضطرابات النفسية وعلاج الإدمان , مع برامج علاجية قد تختلف عن البرامج العلاجية المتعارف عليها في علاج الإدمان وعلاج الأمراض النفسية عن حدة .
ونحن من خلال مستشفي الطب النفسي وعلاج الإدمان في مصر في منتجع عرابي لدينا وحدة علاج التشخيص المزدوج , حتي يتم العمل علي علاج الإدمان وعلاج الأمراض النفسية التي تصاحب الإدمان علي المخدرات , وقد يجهل الكثير من الأشخاص الإضطراب النفسي المصاحب للإدمان ويعالج الإدمان فقط وهو لا يدري بأنه بحاجة إلي برنامج متوازي لعلاج الإدمان من جهة وعلاج الأمراض النفسية المصاحبة للإدمان علي المخدرات .
الاضطرابات النفسية والإدمان ؟
قد أوضح المختصين بان العلاقة بين الإضطرابات النفسية والإدمان علاقة قوية ومؤثرة ولا يختلف الدارسون والباحثون كثيراً حولها ما بين سبب ونتيجة , وأضاف أن العديد من مدمني المخدرات يكون المرض النفسي هو التشخيص الأساسي لمرضهم مثل الأمراض العصابية كاضطرابات النوم والقلق والاكتئاب .
وكثير من مرضي الأرق الليلي أو القلق او منه هم يعانون من الحزن والاكتئاب يعتقدون جهلاً أو من خلال توصيات أو مروجي المخدرات بأن تلك المخدرات هي السبيل للخلاص مما هم فيه , فيجدون أنفسهم تحت وطأة المخدرات وفي حال أقسي وأشد من ألم المرض النفسي او لنقل بشكل علمي أنهم قد أضافوا التشخيص المزدوج الثانوي لحالتهم وهو الإدمان علي المخدرات .
دراسة واقعية عن علاقة الإدمان بالاضطرابات النفسية
وقد أكدت العديد من الدراسات بان مخاطر الادمان وارتباطها بالعديد من الأمراض النفسية وصلت إلي 17% من تلك العينة كانوا يتعاطون الكحوليات , بينما 65% ممن مدخني الحشيش يالإضافة إلي 7% من مدمني العقاقير المخدرة مثل الإدمان علي الترامادول وإدمان الكبتاجون .
كما أن هناك من يعاني من الأمراض الذهانية مثل الفصام يتجهون إلي تعاطي المخدرات لألم مرض عقلي من ناحية ومن ناحية اخري عدم الاستبصار بالمرض , وكانت الدراسات السابقة قد أشارت بان الإدمان بين مجموعة من مرضي الفصام تفوق نظيرتها بين الأسوياء عدة مرات كما أجريت دراسة لتحديد العلاقة بين مرض الذهان وبين إدمان عقار الأمفيتامين , وكذلك الإدمان علي الحشيش والكوكايين والهيروين , وقد أثبتت ان هناك التلازم الكبير بين حدوث الذهان والاعتماد علي تلك المواد المخدرة بين الأشخاص في السجون .
ما هي عوامل الخطر المتبادلة بين الادمان والمرض النفسي ؟
معظم الدراسات والإحصائيات تؤكد بمدي خطورة الأمراض النفسية كعامل خطر يدفع الأشخاص إلي تعاطي المخدرات كما أن المخدرات تتسبب بصورة مباشرة في الإصابة بالأمراض والاضطرابات النفسية , وفي واقع الأمر فهذا الأمر مشاهد في مستشفيات علاج الإدمان حيث يكون إدمان المخدرات هو التشخيص الأساسي , فإن المعالج يلحظ وبصورة مباشرة تلك المعاناة النفسية , حتي إن الأمر يتلبس في بعض الأحيان علي المعالج الحاذق ليجد الصعوبة في الفصل عن أيهما هو التشخيص الأساسي للمرض .
وبسبب تلك الأعراض المتلازمة من القلق والتوتر والاصابة بالاكتئاب واحياناً الهلاوس السمعية والبصرية والتشوش ومحاولات الانتحار المتكررة ,بل تعد الاضطرابات النفسية والعصبية الناجمة عن تعاطي تلك السموم من المخدرات والإدمان علي العقاقير المخدرة من الإضطرابات الشائعة , حيث أنها تؤثر في واحد من كل عشرة أشخاص , ونحو 25% من الأسر التي لديها احد أفرادها لديه اضطراب نفسي .
علاقة الإدمان بالاضطرابات النفسية لدي المراهقين ؟
لعل من الأمور المخيفة للمجتمعات ما تشكو منه الأسر من اضطراب المراهقين وعدم استقرارهم بسبب الإدمان أحيانا ً أو بسبب المرض النفسي المتسبب في التعاطي , فهناك الدراسات التي قد أجريت علي عدد كبير من الأشخاص المراهقين والمراهقات في أستراليا ممن ترواحت أعمارهم بين الثالثة عشر إلي السابعة عشر , وتثبت بأن هناك ما يقرب من 25% من المراهقين جربوا تعاطي الحشيش سواء من الذكور او الإناث وتتزايد النسبة مع التقدم بالعمر .
كما رصدت الدراسة التي قد شملت عدداً من العائلات هؤلاء المراهقين والمراهقات بأن نسبة التعاطي تزداد بين الأبناء الذين يعيشون مع أحد الوالدين فقط بسبب حالات الطلاق او بسبب الخلافات الأسرية , بالإضافة إلي أن المراهقين الذين يعانون من الاضطرابات النفسية او السلوكية وتتضاعف نسبة التعاطي بين المدخنين أو من يشربون الكحوليات , وقد رصدت الدراسة التي نشرت من خلال المجلة البريطانية للصحة النفسية الأعوام المنصرمة حدوث الاضطرابات النفسية بصورة متوازية لتعاطي الحشيش وهو ما يؤثر سلباً علي فرص التعافي .
مصادر الموضوع