تجربتي مع الشخصية التجنبية من التجارب المؤلمة التي عانيت خلالها من مشكلات متعددة، واضطراب الشخصية التجنبية من الاضطرابات الغير شائعة، وواجه الأطباء صعوبة في التفريق بين هذا الاضطراب وعدد من الاضطرابات الأخرى مثل الرهاب والقلق الاجتماعي، ومن صفات الشخصية التجنبية هو الخوف من التجمعات أو المناسبات العامة، ويشعر المريض بالرغبة في الانعزال عن البشر حتى لا يتعرض إلى الانتقاد والسخرية .
وبالتالي يواجه صعوبة في التعايش بصورة طبيعية، ويشعر بأنه شخص غير كفء من الناحية الاجتماعية، ويتجنب التفاعل مع الآخرين حتى لا يتعرض إلى التنمر أو الانتقاد السلبي، وخلال تجربتي مع الشخصية التجنبية تعرفت على الأعراض الجانبية التي يعاني منها المريض، ورحلة علاجي من هذا الاضطراب بدأت عند الذهاب إلى مركز ميديكال للطب النفسي، حيث تمكنت من القضاء على تلك المشاعر السلبية التي عانيت منها لسنوات طويلة .
ما هي الشخصية التجنبية ؟
الشخصية التجنبية Avoidant personality disorder)) هي عبارة اضطراب شخصي يصيب الإنسان في أحد مراحله العمرية، وقامت إدارة الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية والنفسية بوضع اضطراب الشخصية التجنبية في المجموعة الخامسة من الاضطرابات الشخصية، وعرفه الدليل على أنه نمط غير مستقر من الشخصية، والذي يتميز بالخوف من المواقف التي من المحتمل أن تعرض الشخص إلى الانتقاد والسخرية، كما يعاني المريض من فرط الحساسية وعدم تقبل وتقدير الذات .
والجدير بالذكر أن حوالي 5% من سكان العالم مصابون بهذا الاضطراب، ووفقًا لدراسة أجريت عام 2002 فإن حوالي 36% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية يعانون من الشخصية التجنبية .
كما أوضح الأطباء النفسيين أن نمط الشخصية التجنبية نمط استراتيجي يعتمد على الدفاع والوقاية، حيث يتجنب المريض حضور المناسبات العامة أو العائلية لحماية نفسه من التعرض إلى الانتقاد أو الإحراج، ويتوقف عن المشاركة في الأنشطة الاجتماعية حتى يحرص على عدم مخالطة الآخرين، إلى جانب ذلك يعاني من شعور الخجل المفرط الذي يمنعه من التعرف على أصدقاء أو أشخاص جديدة، وعواقب الإصابة باضطراب الشخصية التجنبية تكون وخيمة، والتي تصل إلى حد العزلة وخسارة العمل وانخفاض الأداء الوظيفي والدراسي .
تجربتي مع الشخصية التجنبية
تجربتي مع الشخصية التجنبية بدأت عندما وصلت إلى سن الـ 11 عامًا، حيث كنت أشعر بالخجل المفرط من الذهاب إلى المناسبات العائلية، وكثيرًا ما امتنع عن المشاركة في الأنشطة المدرسية خوفًا من الانتقاد، وبسبب نقص التوعية والثقافة النفسية كان والدي يعتقدان أن السبب هو شعوري بالخجل، ولكن مع مرور الوقت بدأت الأعراض في التطور حيث كنت أقضي ساعات طويلة وحيدًا في غرفتي لشعوري بالخوف والقلق، وفي العديد من المرات كنت أفتعل الحجج للغياب من المدرسة .
وعند الذهاب إلى الجامعة بدأت مخاوفي في التزايد، كما بدأت معاناتي في التعايش والتأقلم مع الحياة الجامعية ، حيث كنت لا أملك القدرة على التحدث أو النقاش، أيضًا لم أتمكن من تكوين صداقات جديدة مما جعلني أعاني من الوحدة، وكذلك أشعر بالخوف من قول أي شيء حتى لا أتعرض إلى السخرية والانتقاد، وبدأ الأمر يزداد سوءًا حتى توقفت عن الذهاب إلى الجامعة .
لذلك نصحتني والدتي بالذهاب إلى أحد المراكز النفسية لتلقي العلاج، وعندما ذهبت إلى مركز ميديكال للطب النفسي تحدث معي الطبيب عن الأعراض التي أعاني منها، ووضع تشخيص لحالتي وهو الإصابة باضطراب الشخصية التجنبية، وبدأت في جلسات العلاج المعرفي السلوكي، وبفضل كفاءة الأطباء داخل المركز تمكنت من استعادة حياتي وشعرت بالأمل والرغبة في الحياة مرة أخرى، كما تخلصت من جميع المشاعر السلبية التي سببت لي المعاناة .
أسباب الشخصية التجنبية
أثناء تجربتي مع الشخصية التجنبية أوضح لي الطبيب أن الإصابة بالاضطرابات الشخصية تكون نتيجة أسباب وعوامل متعددة، ولكن في الغالب يكون من الصعب تحديد السبب بشكل واضح، وأخبرني أن أسباب الإصابة بالشخصية التجنبية تكون كالتالي :
1_ العوامل الوراثية
الأبناء الذين يملكون أقارب من الدرجة الأولى مثل الأب والأم مصابون باضطراب الشخصية التجنبية يكونون أكثر عرضة للإصابة، ويحدث ذلك بسبب انتقال الجينات أو اكتساب الصفات والسلوكيات التجنبية .
2_ المرحلة العمرية
تعد مرحلة المراهقة من أبرز المراحل العمرية التي يكثر بها الشعور بالاكتئاب والوحدة، ويعتقد الأطباء بأن هذه الاضطرابات قد تكون هي السبب وراء اكتساب الصفات التجنبية للمواقف الاجتماعية، والرغبة في الانعزال عن البشر عند البلوغ .
3_ صدمات الطفولة
صدمات الطفولة تعد من أهم الأسباب وراء الإصابة بالشخصية التجنبية مثل العنف الأسري، والنقد المستمر والإهمال العاطفي، والتربية الغير داعمة مما يشعر الطفل بالإحباط وعدم تقدير الذات، ولذلك يتجنب المواقف الاجتماعية خوفًا من الإحراج والانتقاد كوسيلة للتعايش والتكيف مع المجتمع .
أعراض الشخصية التجنبية
خلال تجربتي مع الشخصية التجنبية كنت أعاني من مجموعة أعراض جانبية كما يلي :
- التردد والخوف من المشاركة في الأنشطة الاجتماعية .
- عدم الرغبة في تجربة أشياء جديدة أو المخاطرة للاستكشاف .
- البقاء لساعات طويلة منعزلًا في الغرفة بعيدًا عن الآخرين .
- آخر شخص يقوم بالتعبير عن رأيه في الموضوع المطروح للنقاش .
- العزوف عن توسيع دائرة الأصدقاء أو المعارف .
- قلة الكلام أثناء التواجد في تجمعات كبيرة من الأشخاص حرصًا على عدم التعرض إلى الانتقاد أو السخرية .
- التعامل بطريقة سيئة وسلبية مع النفس .
- الميل إلى الأوهام والتخيلات للهروب من الواقع والأفكار المؤلمة .
- الحساسية الشديدة عند التعرض إلى الرفض أو الانتقاد من الآخرين .
- عدم القدرة على التفاعل مع الآخرين، مما يتسبب في انخفاض الأداء الوظيفي .
- الشعور بالنقص وعدم تقبل الذات والإحساس الشخص بأنه أقل شأن من الآخرين وغير محبوب .
- عدم التقدم في العمل أو الدراسة على الرغم من امتلاك المهارات والإمكانيات الكافية .
متى يظهر اضطراب الشخصية التجنبية ؟
الشعور بالخجل والتوتر من المواقف الاجتماعية من أبرز سمات الشخصية التجنبية، كما أن الخجل من المشاعر التي يشعر بها الأطفال في المراحل العمرية المبكرة، لذا من الصعب تشخيص اضطراب الشخصية التجنبية في مرحلة الطفولة، وبالتالي يتم تشخيص الخجل على أنه من أعراض الشخصية التجنبية في مرحلة المراهقة، حيث يكون أكثر وضوحًا من السابق، وفي حالات أخرى قد يظهر الاضطراب في مرحلة البلوغ .
علاج الشخصية التجنبية
تجربتي مع الشخصية التجنبية انتهت عندمًا بدأت في رحلة العلاج داخل مركز ميديكال للطب النفسي، ومن أهم أساليب العلاج المتبعة داخل المركز التالي :
1_ العلاج النفسي
حيث يقوم أطباء مركز ميديكال للطب النفسي بوضع التشخيص الطبي لاختيار الطريقة العلاجية المناسبة، ومن أهم آليات العلاج النفسي لاضطراب الشخصية التجنبية التالي :
- العلاج المعرفي السلوكي الذي يعمل على تقويم السلوكيات الخاطئة، ودفع المريض إلى اكتساب مهارات جديدة تساهم في تحسين عملية التواصل مع الآخرين .
- جلسات العلاج النفسي الجماعي حتى يتشارك المريض تجارب المرض مع أشخاص آخرين، وبالتالي يشعر بالرغبة في المثابرة على استكمال رحلة العلاج، ويتخلص من الوحدة .
- العلاج بالكلام حيث يتحدث الطبيب المعالج مع المريض عن كافة مخاوفه لزيادة الثقة بالنفس، والقدرة على تقدير واحترام الذات .
- العلاج بالتعرض للمواقف والأشياء التي يشعر المريض بالخوف حيالها، حتى يتمكن من القضاء على هذا الشعور .
- المتابعة العلاجية بعد الشفاء والتي يوفر المركز للاطمئنان على صحة المريض، والتأكد من عدم تعرضه إلى أعراض الانتكاسة .
2_ العلاج الدوائي
داخل مركز ميديكال للطب النفسي يوجد أفضل الأطباء النفسيين، والذين يتبعون بروتوكول معين من العلاج الدوائي وفقًا لمتطلبات الحالة الصحية للمريض .
وفي ختام الحديث عن تجربتي مع الشخصية التجنبية أنصح الشخص الذي يعاني من الخوف، والحساسية المفرطة من الانتقاد بالذهاب إلى مركز ميديكال للطب النفسي، حتى يتخلص من تلك المشاعر السلبية .
موضوعات ذات صلة :